ابيض و اسود
بقلم : محمود عبد الحفيظ
كنت قاعد بفتكر ايام زمان
يااااه ايام جميلة ايام عظيمة برغم انها كانت بسيطة
ايام كان فيها بركة برغم ان كان الدخل قليل و المصاريف كتير والعيال اكتر
كل عائله كان عندهم 6 او 7 اولاد مش 1 او 2 زى دلوقتى بس كان فيه خير
انا اتربيت فى بيت فيه 9 اخوات
ايام جميلة
مكنتش اللحوم متوفرة كل يوم - كنا يوم ناكل بصارة و يوم ناكل عدس الاكلات دى اللى انقرضت و مبقناش نشوفها اليومين دول
على قد كده كانت السعاده مالية كل ركن فى البيت
و كان عندنا تلفيزيون ابيض و اسود صغير بيجيب القناة الاولى و الثانية
كنا بنتلم كلنا حواليه برضه مبسوطين واحنا بنتفرج على مازنجر ولا ماما نجوى و بقلظ و البرامج بتاعت زمان دى
يا ترى ايه السر؟ ليه دلوقتى رغم التكنولوجيا و التطور اللى احنا فيه مبقتش السعادة موجوده؟
فضلت افكر كتير لقيت ان الفرق بين ايامنا دلوقتى و ايام زمان هو الرضا و القناعة و عزة النفس
الحاجات دى مبقتش موجوده دلوقتى
يعنى الموظف الغلبان زمان اللى كان مرتبه 60 جنيه عمره ما فكر يخون ضميره و يمد ايده ياخد رشوة مهما كانت رغم انه كان عنده ولاد كتير و حالته صعبه
دلوقتى اتقلب الحال و بقى الطبيعى انك تدفع رشوة حتى لو صغيرة و الا الموظف مش هيخلصلك ورقك
زمان كان المدرس بيشرح فى الفصل و يبذل مجهود لانه كان عارف انه بيأدى رساله
و مكنش فيه حاجه اسمها دروس خصوصية و الكلام ده و كان المدرس ليه احترامه
دلوقتى ولا المدرس بيحترم الطلبة ولا الطلبة بتحترم أحد و مفيش مدرس بيشرح غير فى الدروس الخصوصية اللى زودت الهم همين و بقت بالنسبة لرب الاسرة عبء و كأنه فاتح بيت تانى
زمان كان الجيران لبعضيها و الناس كلهم بيسألوا عن بعض و ممكن جدا تلاقى فلانة بتخبط على جارتها علانة تستلف منها شوية بصل ولا ازازة زيت و فى المناسبات يتبادلوا اطباق الحلويات
دلوقتى الجار ميعرفش مين ساكن فى الشقة اللى قدامه و ممكن لو قابله فى اى مكان ميعرفوش
انقرضت العلاقات الاجتماعية و كل واحد مبقاش بيفكر غير فى نفسه و بس
اتضح فعلا ان الفساد لما بيدخل فى مكان بيتوغل فى كل حاجة فيه متفتكرش ان الموظف اللى بياخد 5 جنيه رشوة دى حاجة بسيطة و انه مبيضرش احد
بالعكس دى منظومة كبيرة مدبرها ربك و هو اعلم بيها
الفساد يا اخواننا عامل زى العفن اللى بيصيب الاكل فى الاول بيكون صغير على الطرف ممكن يتمسح او يتنظف لكن لو سيبته يفضل يكبر و ينتشر بسرعة لغاية اما يصيب الاكل كله و ميبقاش ينفع غير انه يترمى فى الزبالة
اهه ده اللى حصل معانا فضل الفساد يكبر و يتوغل لغاية ما بقى هوالقانون السائد فى البلاد لاننا تهاوننا معه فى الاول
انا كتبت الموضوع ده مش علشان اخللى الناس تيأس بالعكس انا عاوزكم تبصوا لايام زمان اللى بقولكم عليها دى ايام ابائنا و جدودنا كان قبلها فيه فساد و احتلال و ظلم و قدروا انهم يغيروا كل ده لانهم غيروا من نفسهم و هو ده اللى احنا محتاجينه
محتاجين اننا نبدء بنفسنا و افتكر انك لما تبدء تصلح انك بتنظف شوية من الفساد و شوف لما كل واحد فينا يبدء ينظف واحده واحده هنقدر نقضى على الفساد تماما
يا جماعة والله الفترة اللى فاتت دى اثبتت للناس كلهم ان الرزق مش بكثرته بل ببركته
بنتمنى نرجع لايام زمان ببساطتها و قناعتها و رضاها هى دى السعادة الحقيقية
نفسنا نرجع نتلم زى زمان مع الناس اللى بنحبهم و يحبونا حتى لو كانت اللمه دى على طبق بصارة هتكون احسن من اللى بياكل كباب وهو قاعد وحيد
بتمنى نتخلص من تعقيدات الحياة و نعيشها ببساطة
بتمنى اتعرف على جيرانى و اسيب ولادى ينزلوا يلعبوا فى الشارع و انا مطمئن عليهم مش خايف
بتمنى انزل السبت من بلكونة البيت زى زمان واطلعه الاقى فيه طبق الفول و الجرنان
طيب مش هتصدقونى لو قلت انى بتمنى اتفرج على القناة الثانية فى التلفيزيون القديم الابيض و اسود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق