WNR

WNR
World News Reader

الأحد، 1 مايو 2011

تاريخ قص و لزق

بقلم : محمود عبد الحفيظ

هل يعتبر الاعلام فعلا سلاح مهم يستخدم فى السياسة؟
فى السطور التالية باذن الله سنحاول الاجابة عن الاعلام و دوره و مدى تأثيره فى السياسة






الاعلام يعتبر سلاح اساسى لا يمكن الاستغناء عنه و هو الذى يمكن ان يغير مستقبل شعوب و يؤثر على قرارات دولية و هو يستخدم من قبل الحكومات و الدول بدهاء شديد دائما و حرص زائد نظرا لخطورته لذلك تكون الرقابة شديدة جداا على الاعلام فى معظم البلاد حتى الدول الديموقراطية و التى تنادى بحرية الاعلام تحتفظ ببعض الرقابة دائما خشية ان تهلك نتيجة للحرية الاعلامية الزائدة..


فى ثورة 25 يناير شاهدنا بعض الشبكات الاعلامية الشبابية التى صنعها الشباب و التى لا تخضع لاى رقابة و كان ابرزها "شبكة رصد "RNN على الفيس بوك و التى ساهمت بشكل كبير فى نقل الاحداث اولا باول و كانت من عوامل نجاح الثورة ..


شهد الاعلام فى مصر فى الفترة الاخيرة تحجيما كبيرا و كانت القنوات المصرية الحكومية تعمل بشكل كبير من اجل تحسين صورة الحكومة و محاولة التقليل من شأن المعارضة ووصفهم دائما بان لهم اغراض خفية او بانهم خونة و عملاء و خلافه فى محاولة لوأد اى معارضة يمكن ان تشكل خطرا على الحكومة و لكنهم لم يستطيعوا احكام السيطرة على الانترنت الذى كان له الدور الرئيسى فى تغيير الحياة السياسة فى العالم فى الفترة الاخيرة ...


كان الانترنت هو نقطة التحول الرئيسية خاصة فى الثورة المصرية و لم تكن الثورة وليدة اللحظة بل كانت هناك تراكمات لفترة كبيرة شهد خلالها الشباب على الانترنت و خاصة على الفيس بوك الاف الفيديوهات و الصور و المواضيع التى تبين الحالة الرديئة التى وصلت اليها مصر و كانت الثورة تتفجر داخل الشباب فى كل يوم تظهر فيه حقيقة جديدة و بدء اهتمام الشباب بممارسة السياسة على الانترنت يزداد بشكل ملحوظ و برغم عفوية صفحات الانترنت الا انها ساهمت بشكل كبير جدا فى تغيير شكل الحياة السياسية فى مصر بعد الثورة..

وأثناء الثورة و برغم محاولة التلفيزيون الحكومى قتل الثورة و التشكيك فى اخلاص الشعب الثائر كانت الكفة الراجحة هى كفة الاعلام الشبابى الحر على الانترنت و هو من كسب الحرب الاعلامية فى النهاية ..


-هل يوجد فعلا ما يسمى بالاعلام الحيادى ؟

الاعلام الحيادى هو الاعلام المثالى و الذى ينقل كل الاحداث بحيادية و اعتقد انه شبه مستحيل ان يتحقق و ان اكثر القنوات الاعلامية حيادية ستكون حيادية بنسبة 80% اما بنسبة 100% فأعتقد انه شىء خيالى و ذلك لسبب بسيط ان من ينقل الاحداث هم اشخاص و ليسوا ماكينات و هم ينقلون الاحداث من وجهة نظرهم و ينقلون الصورة كما شاهدوها هم بانفسهم و قد تكون غير كاملة و قد تحركها ايضا بعض المشاعر و العواطف ...


مثال اذا كنت انا مراسل صحفى و علمت ان هناك مشادة فى شارع قريب منى فذهبت ووجدت شخص يعتدى بالضرب على شخص اخر سأنقل الصورة كما شاهدتها و سيكون الخبر مثلا كالأتى :

"مشاجرة بين شابين على الطريق العام و السبب مجهول" و سيكون هذا النقل حيادى جداا


أما اذا كنت شخص عاطفى و اثر فى المشهد كثيرا سأكون فى كلماتى متعاطفا مع الشخص المضروب و سأكون مهاجما للشخص المعتدى فسأصف الخبر كالأتى :

"بلطجى يتعدى على شاب بوحشية فى الطريق العام "


و اذا كنت ممن يريدون اشعال الفتنة سأقول ببساطة :


"معركة بين مسلم و مسيحى فى الطريق العام "


و هكذا يمكن ان أوظف المشهد الذى رأيته على حسب رأيى الشخصى و على حسب مشاعرى و رؤيتى الشخصية للحدث ... 
و لا ننسى اننى فى احسن الاحوال مهما وصلت مبكرا الى موضع الحادث الا اننى فاتنى جزء لم اشاهده بنفسى و سأعتمد اما على تخمينات شخصية او على سؤال بعض الشهود و الذين سيصفون لى ما حدث ايضا بناءا على رؤيتهم الشخصية للحدث....


و لمشاهدة مثال حى لكلامى هذا يمكنك بسهولة رؤية هذا الان على صفحات الفيس بوك فبمشاهدة خبر بسيط و ليكن مثلا 
"الغاء التوقيت الصيفى فى مصر"
اذا دخلت على الصفحات المؤيدة للثورة و رأيت هذا الخبر ستجد التعليق عليه من مدير الصفحة "الادمين" مثلا كالاتى :

"أخيرا تخلصنا من تغيير التوقيت الذى عانينا منه كثيرا بدون فائدة"


اما فى صفحة موالية للنظام القديم و معارضة للثورة سيكون التعليق مثلا:
"هل هذا هو انجاز الثورة؟ و هل الغاء التوقيت الصيفى يحتاج الى ثورة؟"


هذا بالطبع بخلاف القنوات الفضائية و دورها الكبير فى قلب الموازين فأنا كصاحب قناة فضائية سأحاول بكل الطرق ان تكون قناتى معبرة عن رأيى و تخدم مصالحى الشخصية ... 
بالامس مثلا شاهدنا مشادة بين عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط فى قناة اون تى فى و بين المذيعة متهما فيها القناة بأنها تمثل رأى نجيب سويرس و تعمل لصالحه حتى على حساب مصالح مصر ...


يمكن ان تكون عدم الحيادية ايضا غير مقصودة او تكون بنية حسنة
فاذا كنت انا ارى من وجهة نظرى مثلا فى الاستفتاء انه من مصلحة الوطن ان تكون النتيجة "نعم" او ان تكون "لا" سأحاول كاعلامى ان اميل اكثر للنتيجة التى اقتنعت بها .. 
من وجهة نظرى وقتها انى اعمل لمصلحة الوطن و لكنى خرجت عن الحيادية .. 
او اذا كنت اثناء تحقيق معين اميل الى ان المتهم الذى اتكلم عنه برىء فسوف احاول تبرئته فى كلامى و العكس صحيح ...
و قد شاهدنا هذا المثال واضح فى قضية خالد سعيد رحمه الله فكان الشباب متعاطفون معه على الانترنت و صوروه فى هيئة ملاك و هو كان شاب عادى يمكن ان يخطأ مثلنا جميعا و على العكس كان الاعلام الحكومى يحاول انصاف الشرطة فصوروه فى هيئة مجرم و مدمن و ان الشرطى كان مثال للشرطى العادل الذى يطبق القانون و يؤدى عمله.. برغم انه ايضا انسان عادى يمكن ان يخطىء .


و للأسف لم يتحسن الاعلام المصرى بعد الثورة و لم يصبح حيادى كما اردناه و لكنه غير مساره فقط من اقصى اليسار الى اقصى اليمين فأصبح يشوه الرموز السابقين محاولة منه ارضاء شباب الثورة بعد نجاحهم و اصبح كل همه ان يهاجم النظام السابق و ان ينكره بعد ان كان يدافع عنه و يؤيده ..
"وصلت الى ان تم عمل مونتاج للاغانى الوطنية و تم حذف صورة مبارك و سوزان من الفيديوهات و نشر خبر تحرير سيناء على انه تم فى عهد رئيس الوزراء عاطف صدقى بدلا من لن يذكر اسم مبارك"
للاسف يا اعلامنا العزيز ليست هذه الحيادية التى نطلبها نحن نطلب ان يذكر ما لنا و ما علينا و ان تذكر النظام السابق بعيوبه و مميزاته و لا نطلب منك تزوير التاريخ لاننا لا نطمح فى تدريس اولادنا "تاريخ قص و لزق" ولا يشرفنا ذلك!!


بينما كنت اتصفح الفيس بوك منذ قليل لفت انتباهى اعلان مدفوع عن صفحة اسمها "اسرائيل تتكلم بالعربية" و دفعنى الفضول لاراها وجدتها صفحة اسرائيلية رسمية من وزارة الخارجية و تنقل اخبار اسرائيل باللغة العربية للناس فتنقلت بين اخبارها لارى ماذا يقولون و تفاجأت من كيفية نقلهم للأخبار و انك بالفعل عندما تقرأها تشعر كيف أنهم مظلومون و بأن الفليسطينيين و حركة حماس هم ارهابيين فكان هذا الخبر من الاخبار المكتوبة

" تم اعتقال فلسطينيين مرتكبى مجزرة ايتمار. وقتل الاثنان الأطفال الثلاثة ووالديهم بدم بارد فقط لكونهم إسرائيليين"




لذا لا تتعجب و تقول "كيف يكون للنظام السابق و برغم كل جرائمه مؤيدون يتظاهرون من اجل عودته؟"
الموضوع فى غاية البساطة فأنت من خلال معرفة القنوات التى يتابعها الشخص و الصفحات التى يشترك بها على الانترنت يمكنك ان تعرف بقدر كبير ميوله .. هذا لا يعنى ان الاعلام يشكل كل رأيك ولكن يؤسفنى ان اقول لك انه يشكل النسبة الكبيرة جدا منه .. 

لذلك اذا كنت انت كمشاهد تريد ان تكون حيادى و ان تفهم و تعرف حقيقة ما يحدث دون ان تتأثر برأى أحد عليك ان تكون متابعا للاحداث من اكثر من مصدر .. و ان تقرأ اكثر من تعليق لانك اذا اكتفيت بقراءة الصفحات المؤيدة للثورة ستكون مؤيدا لها و اذا اكتفيت بقراءة الصفحات المعارضة للثورة ستكون معارضا لها اؤكد لك ذلك ..


و فى النهاية  اقول اننى حاولت ان اكون حياديا قدر المستطاع فى كتابتى لهذا المقال و سأعرف فى تعليقاتكم اذا كنت كذلك ام لا 


توقيع : صعيدى من مصر