أحمد الشامى
يمتلئ التراث القديم بحكايات تظل تحمل العبر والعظات الصالحة لكل زمان ومكان ومنها هذه القصة،
يحكى أن الأسد وهو ملك الغابة أراد يوما أن يأكل وجبة دسمة فقال لوزيره الثعلب أحضر لى طعاما وإلا أكلتك أنت ، ظل الثعلب يبحث عن فكرة يحضر بها طعاما دسما لملك الغابة حتى هداه تفكيره إلى أن يحضر له الحمار ليأكله
فذهب الثعلب إلى الحمار وأخبره أن
الأسد قد تعب من حكم الغابة ويريد أن يستريح من عناء ومشقة الحكم وأنه قد
أختاره ليكون ملك الغابة الجديد وأن عليه أن يذهب معه للأسد حالا حتى يتوجه
ملكا للغابة.
فرح الحمار جدا بكلام الثعلب وأخذ
يتخيل نفسه وهو يجلس على العرش ويرتدى تاج الملك وأخذ يسرح بخياله فيمن
سيختارهم ليكونوا حاشيته ووزرائه فى الحكم ، وما أن وصل الحمار إلى حضرة الأسد حتى قام الأسد بالهجوم عليه ليأكله ولكنه قطع أذنيه فقط وأستطاع الحمار الفرار! هنا قال الأسد للثعلب أحضر لى طعاما وإلا أكلتك أنت.
ذهب الثعلب مرة أخرى للحمار وقال له لماذا هربت من أمام الأسد فقال الحمار أنه كان هجم على وكان يريد أن يأكلنى فقال
الثعلب له لقد ظلمت الأسد بقولك هذا إنه فقط أراد أن يزيل أذنيك حتى
يستطيع أن يضع التاج على رأسك وأنه ينتظرك مرة أخرى ليتوجك ملكا فهيا نذهب
إليه فوافق الحمار واقتنع وذهب معه للأسد، وما أن دخل على الأسد حتى هجم عليه مرة اخرى ليأكله ولكنه لم يستطيع سوى أن يقطع ذيله وفر الحمار هاربا! فغضب الأسد وقال للثعلب إذا لم تحضر الطعام سوف ألتهمك أنت
فذهب الثعلب للحمار مرة ثالثة وقال له ما الذى تفعله مع الأسد كلما أراد أن يتوجك ملكا للغابة تفر هاربا فقال الحمار لقد قطع ذيلى وكاد أن يلتهمنى فقال
الثعلب لقد ظلمت الأسد مرة أخرى إنما أراد أن يقطع ذيلك حتى تستطيع أن
تجلس على العرش وأنه ينتظرك هذه المرة ليتوجك ملكا بدلا منه فوافق الحمار
واقتنع وذهب مرة ثالثة مع الثعلب للأسد وعندما
دخل على الأسد هجم عليه الأسد هذه المرة بقوة وقتله وقال للثعلب اذهب به
وإجعل كل قطعة بمفردها وأحضرها لى كى أكله فذهب الثعلب بجثة الحمار وقام
بتقطيعه ولكنه طمع فى المخ فأكله وذهب بباقى الجسد للأسد ، فقام الأسد ليلتهم الحمار فلم يجد المخ فقال للثعلب أين مخ الحمار فاجاب الثعلب على الفور أنه لايوجد للحمار مخ !فقال الأسد كيف ذلك؟ فاجاب الثعلب وهل لو كان للحمار مخ كان سيأتى إليك مرة ثالثة بعد أن قطعت أذنيه وذيله
عندما وثقوا فى ملك الغابة
بعد الثورة أراد الجميع دستورا جديدا يضع مصر فى مكانتها اللائقة ويمهد للتنمية الشاملة البلاد ولكنتم
الأعلان عن استفتاء على بعض المواد فقط لكى تكون دستورا مؤقتا يتم العمل
به حتى يتم وضع دستورا جديدا للبلاد بعد الانتخابات خاصة وأن معظم المواد
المعدلة كانت تركز على كيفية اختيار الرئيس الجديد ومدة رئاسته وذلك لأن
إنتخابه سيكون قبل وضع الدستور الجديد وقام الثعلب بالإعلان أن ملك الغابة يريد فعلا أن يستريح من مشقة الحكم وأنه يريد أن يتنازل عن الحكم فى خلال 6 شهور على الأكثر
وهرولت كثير من الأحزاب نحو ملك
الغابة وهم يتخيلون أنفسهم على كرسى الحكم بعده ووافقت علي هذا المقترح وتم
عمل الاستفتاء وجاءت النتيجة فى صالح نعم للتعديلات والتى كانت تنص صراحة
على أن الدستور الجديد سيكون بعد انتخابات مجلسى الشعب والشورى والرئاسة ولكن
بدء الكذب يظهر وصدر الإعلان الدستورى المؤقت وبه 63 مادة ووضعت به المادة
56 لتأخذ صلاحيات مجلس الشعب وتزيد عليها وتضعها جميعا فى يد المجلس
العسكرى ولم يعترض أى من
الأحزاب على هذا التدليس بل أقتنعوا بحجج واهية ومبررات غير مقنعة وبدؤا فى
تصديق روايته عن تسليم البلاد وبدؤا فى تخيل أنفسهم وهم يجلسون على العرش
مرة أخرى
ثم بدء الكذب والخداع مرة أخرى
وبدء يظهر فى الأفق أن ملك الغابة لن يفى بوعده فى مدة 6 شهور وبدا جليا أن
المدة سوف تطول أكثر وأكثر ثم ظهر الخداع واضحا بعد الإعلان عن وثيقة
المبادئ فوق الدستورية والتى تعطى للمجلس صلاحيات ومكانه خاصة فى الدستور
فوق رئيس الجمهورية نفسه
وهنا ثارت بعض الاحزاب وأحسوا بالخطر وهرول بعض الاحزاب الأخرى إلى ملك الغابة وهم يظنون أنهم سوف يجلسون على العرش
وعندما ثار المواطنون وطالبوا
بإحترام إرادة الشعب فى الاستفتاء وأن الانتخابات الرئاسية لابد ان تكون
قبل الدستور تم الاعلان عن الجدول الزمنى لاجراء الانتخابات الرئاسية والتى
من المفترض أن تأتى برئيس للبلاد على ضوء التعديلات الدستورية وان يتم ذلك
قبل يوم 30 يونيو 2012 ولكن مرة أخرى نرجع للكذب والخداع ويتم الإعلان عن الدستور الجديد سوف يكتب قبل انتخاب الرئيس الجديد
ومرة ثالثة تهرول الأحزاب إلى ملك الغابة للجلوس معه وهم يحلمون مرة ثالثة بأنهم سوف يجلسون على العرش ويرتدون تاج الملك
فهل يفكرون قليلا فيما حدث قبل ذلك أم يتمادوا فى جهل حتى يصبحوا وليمة لملك الغابة وثعلبه المكار
تساؤلات
إلى متى ستظل الأحزاب تهرول إلى ملك الغابة وهم يحلمون بالعرش؟
إلى متى سيظلوا يثقون فى كلام الثعلب أن ملك الغابة يريد فعلا أن يتنازل عن الحكم؟؟؟
لماذا لايتحدوا مع رأى الشارع الذى يطالب بإحترام ماجاءت به نتيجة الإستفتاء من خارطة للطريق تقول بإن الرئيس أولا قبل الدستور؟
لماذا لم يعتبروا مما حدث وعرفوا منه ان نعم فى الإستفتاء لم تكن فى صالح أى منهم بل كانت فى صالح ملك الغابة؟
لماذا الأصرار على إختيار اللجنة
التأسيسية ووضع دستور جديد للبلاد فى هذه المدة الضيقة قبل وصول الرئيس
المفترض فى 30 يونيو 2012 أى بعد حوالى 70 يوم؟
كيف ستم أختيار أعضاء اللجنة وماهى المعايير التى على أساسها سيتم الاختيار؟
كيف سيطرح الدستور الجديد بمواده كاملة للنقاش المجتمعى فى هذه الفترة القصيرة جدا جدا؟
ماذا لو جاءت نتيجة الاستفتاء على الدستور بلا ؟؟
هل سيتم تأجيل ميعاد انتخابات الرئاسة حتى يكون لدينا مدة كافية لوضع الدستور ومناقشته ثم الاستفتاء عليه؟؟
إذا تم تأجيل انتخابات الرئاسة فكيف ستكون حالة البلاد وكيف ستكون الفترة الانتقالية الجديدة؟؟
لماذا لا نسير على خارطة الطريق
ونصر جميعا على إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البدء فى اختيار اللجنة
التأسيسية ووضع الدستور حتى نأخذ الوقت الكافى الذى يليق بدستور جديد
لمصر؟؟
لماذا لايضع الجميع مصلحة الوطن أولا قبل أى اعتبارات شخصية او حزبية ؟؟
كلمة أخيرة
يا سادة كفاكم تصديقا لملك الغابة وأثبتوا على خارطة الطريق وأن يأتى الرئيس قبل الدستور
ياسادة إذا كنتم تعتقدون أنكم بهرولتكم إلى ملك الغابة وموافقته على وضع الدستور قبل الرئيس الجديد فإننا لن نقبل به ولن نوافق عليه
ياسادة إذا كنتم ستغيرون نتيجة الاستفتاء وترفعوا شعار الدستور أولا فإننا سوف نرفع شعار يسقط الدستور القادم
ياسادة إن الجلوس على العرش لن
يكون إلا من خلال الشعب وأحترام إرادته أما جلوسكم مع ملك الغابة واقتناعكم
بمبررات ثعلبه المكار كل مرة فإن لكم فى القصة السابقة عبرة كافية