بقلم : محمود عبد الحفيظ
تصدقوا البلد فيها ثورة يا جماعة ..!! آه والله البلد فيها ثورة ... لان تقريبا كده فيه ناس لسه مش عارفين الموضوع ده و بيتعاملوا مع الموقف على انه عادى يعنى و ان البلد كويسة و تمام ..
لو فيه ناس مش مقتنعين بالشباب اللى نزل يوم 25 يناير يثور ضد الظلم و القهر و مبيسموش ده ثورة مفيش مشكلة بس احب اقولهم ان سواء شئتم ام ابيتم البلد لغاية دلوقتى فيها ثورة ...
ثورة يعنى ناس غاضبة ملأها اليأس و خرجت بكل قوتها تقول لا و لما تقابل ناس غاضبة و ثائرة ببرود و متردش عليهم او تحاول تهدئتهم و تنفيذ مطالبهم او على الاقل انك توعدهم بتنفيذها فأنت بتزيدهم غضبا و بتزيدهم اثارة و بتصب فوق نارهم بنزين ليزدادوا اشتعالا و لو الموضوع استمر بهذا الشكل ستأكل هذه النار كل شىء ..
كلامى موجه للجميع بلا استثناء حكومة و شعب .. الجميع يستهين بما يحدث و الجميع يلقى اللوم على الثوار فقط خوفا و طمعا فى العودة للاستقرار وهذا هو الخطأ الذى نقع فيه كلنا ...
و بدلا من التفكير فى حل يرضى هؤلاء الغاضبين الثائرين نلقى عليهم اللوم و نصفهم بالخيانة ...
كل شخص فينا يجلس فى بيته ينتقد ما يحدث و يصف الثائرين فى الميادين بانهم اصحاب اغراض دنيئة و ممولين و لم يكلف احدا نفسه ان يفكر حتى ما هو احساس ام فقدت ابنها لمجرد انه خرج ليعبر عن رأيه مهما كان مخطئا او صائبا ومن قتلوه لم يحدث لهم شيئا حتى الان ..
لم يفكر احدا ان الشباب الثائر هو فعلا شباب يريد ان تصبح مصر دولة العدل و الديموقراطية و انه لو كان خائنا او ممول سيكون أجبن من ان يقف فى الميدان فى مواجهة الشرطة و القنابل و ان ما يجعله يقف هناك فعلا هو الايمان بشىء واحد حتى لو كان خاطئا من وجهة نظرك و لكنه صائبا من وجهة نظره و هو مستعد لان يموت من أجله...
الاخوة المحترمين اذا كنا فعلا نريد استقرارا لهذا البلد فلا تهاجم الثائرين ببرود لانك تنفخ فى النار و تزيدها اشتعالا و طريقتك فى التعامل معهم تزيدهم ثورة و اصرار ... واجه نفسك بالحقيقة ولو لمرة واحدة و تخلى عن خوفك ..
نعم نحن جميعا خائفون .. نعم نحن جميعا نريد عودة الامن و الاستقرار و لكن بعضنا يريده حتى ولو على حساب الثورة و على حساب حريته و كرامته و حتى لو عاد النظام البائد بقمعه و بعضنا يريد عودة الامن و الاستقرار بكرامة و حرية و عدالة اجتماعية ..
هذا هو الفارق الوحيد بيننا جميعا ..
الخوف من المجهول هو ما يحركنا .. الخوف من التغيير و التجديد هو ما يقيدنا ..
الاخوة المطالبين بترشيح السيد احمد شفيق او السيد عمر سليمان للرئاسة مع احترامى للجميع هم ببساطة خائفين من المجهول فيتمنوا ان يعود اى شخص من النظام السابق محاولين تذكر كل محاسنه و اغفال كل مساوئه فقط لشعورهم بعدم الامان بعد الثورة و بما انه كان فى النظام السابق فهو يستطيع اعادة الامن للبلاد و غضوا البصر عن ان الانفلات الامنى المتسبب فيه اصلا هو النظام السابق ..
لو كان عصام شرف هو رئيس الوزراء المعين من قبل مبارك ايام الثورة و شفيق هو من اختاره الناس من التحرير لطالب نفس الاشخاص بعودة عصام شرف و هاجموا شفيق ..
يجب ان نتخلى عن خوفنا .. يجب ان نواجه انفسنا بالحقيقة .. يجب ان نتعامل مع الموقف على اننا فى ثورة و ليس فى مظاهرة ممولة كما يمثلها البعض ...
نحن فى دولة بها 85 مليون شخص فلا تتوقع و انت فى منزلك تنتقد و تقول لماذا ينزل هؤلاء الميدان الان ان يسمعك ال85 مليون و يعودوا جميعا لبيوتهم ..
يجب ان نتعامل مع الموقف قدر حجمه .. من يثور الان هم ليسوا مجموعة طلبة فى جامعه يمكن السيطرة عليهم من يثور الان هو شعب كامل باهداف و ثقافات و طبقات اجتماعية مختلفة لذا يجب ان تتعامل معهم كذلك و الا تقلل من قدرهم حتى لا نزيد الطين بلة ...
من يثور الان هم أهالى فقدوا ابنائهم اى فقدوا أملهم فى الحياة و من يفقد الامل لن تعنى له الحياة اى شىء فلا تستهتر بهم و لا تستهين بثورتهم ..
من يثور الأن هم شباب أحسوا بأن ثورتهم يوم 25 يناير قد سرقت من ايديهم و ان ما قدموه لم يغير شيئا و ان الفساد و الظلم لا يزال قائما فلا تستهين باحساسهم ولا تقلل من شأنهم او تتهمهم بالخيانة لانهم واجهوا الموت من اجل هذا البلد و من يواجه الموت مرة لن يخشاه مرة اخرى ...
فلنواجه انفسنا ولو لمرة واحدة و لنتكاتف معا لعبور الأزمة و لنستمع منا الثوار و نعطيهم حلولا بدلا من ان نظل هكذا دائما يثور منا الثائرون وينتقدهم المنتقدون و يغض الطرف عنهم من يحكمون ...